استكمالا لماتم التطرق إليه الأسبوع الماضي، سوف نلقي من خلال مقالنا لهذا الأسبوع مزيدا من الضوء على بعض من الجوانب الهامة المتعلقة بمتلازمة المسؤولية الاجتماعية والمساءلة القانونية للشركات، وذلك بعد أن عرّفنا المسؤولية الاجتماعية المنشودة للشركات بإنها تعني: الالتزام المستمر من قبل شركات الأعمال بالتصرف أخلاقياً والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والعمل على تحسين نوعية الظروف المعيشية للقوى العاملة وعائلاتهم، والمجتمع المحلي والمجتمع ككل. كماسبق أن أوضحنا أنه يتوجب على الشركات أيا كان الهدف من إنشائها، سواء كانت هادفة للربح أم غيرهادفة للربح، ضرورة المحافظة على اضلاع النجاح الثلاثة والمتمثلة بالنمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي وحماية البيئة. كما أننا نود أن نؤكد أن وجود المساءلة القانونية ضروري جدا لتفعيل المسؤولية الاجتماعية للشركات، وذلك لأننا نرى أن غياب المساءلة القانونية للشركات عند حدوث آثار سلبية على البيئة والمجتمع ناتجة عن بعض أنشطة الشركة، حتما سوف يخرج مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات عن مضمونها. أي أننا نرى أن تحقيق المساءلة القانونية للشركات ضرورة ملحة لتعزيز الحس بالمسؤولية الاجتماعية للشركات. وسوف أُدلل على صدق ما ذهبت إليه في مقالي هذا بذكر بعض الممارسات التي ارتكبتها بعض الشركات والتي كانت لها انعكاسات وتبعات بيئية خطيرة، وذلك ليس على سبيل الحصر، وإنما على سبيل المثال. فالحادثة الأولى تتعلق بحادثة شركة بتروليوم البريطانية وماسببته من تلوث بيئي خطير لحق ببعض سواحل ومياه الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرا، إلا أننا قد تابعنا جميعا التغطية الاعلامية الكبيرة للحادثة على جميع المستويات، وكذلك تابعنا جميعا سرعة تقديم إعتراف ومباشر من قبل الشركة عن مسؤوليتها عن ذلك الخلل الذي أدى إلى تلك الآثار البيئية الكبيرة، كما تابعنا كذلك جميعا سرعة تدخل السلطات القانونية، وذلك من خلال إجبار الشركة على تحمل تبعات الخلل الذي أحدثته، وعلى ضرورة إزالة تبعات ذلك الخلل!! وعلى ضوء التدخل السريع للسلطات القانونية، سارعت الشركة البريطانية بإعلانها للحكومة الأمريكية أنها سوف تتحمل مجمل تكاليف تنظيف البقعة النفطية!! أما استشهادي الثاني فيتعلق بإطلاعي مؤخرا على نتائج دراسة ميدانية قام بها بعض من الأساتذة السعوديين حول الآثار البيئية الخطيرة التي تسببت بها بعض من شركاتنا المحلية، حيث ذكرت نتائج الدراسة وجود تلوث بيئي كبير في البيئة المحيطة والقريبة من مقر أعمال الشركة، وذلك نتيجة تلوث التربة المحيطة بالعناصر الثقيلة، وبمعدلات عالية جدا تفوق تلك المعدلات المسموح بها عالميا، مما سوف يؤدي إلى إلحاق أضراراً كبيرة ليس فقط بالحيوان والنبات والتربة، بل على الصحة العامة لسكان المنطقة المحيطة بمقر أعمال الشركة، وذلك إذا لم يتم تدارك هذا الأمر من خلال سرعة إيجاد الحلول الناجعة لهذه المشكلة البيئية الخطيرة، وكذلك محاسبة الشركة التي تسببت بذلك!! وبالرغم أننا نعلم كذلك أنه قد تم تكوين لجنة من قبل امارة المنطقة تتكون من عدد من الوزارات المعنية لدراسة المشكلة ومحاولة إيجاد الحلول لها، إلا أن المشكلة لاتزال قائمة حتى كتابة هذا المقال. والواقع أنه بغض النظر عن الأسباب والعوامل الحقيقية التي أدت إلى نشوء هذه المشكلة البيئية المحلية الخطيرة، وكذلك بغض النظر عن المسببات التي قد تسوقها الشركة المعنية لتبرير ظهور المشكلة، إلا أننا نكاد نجزم أن غياب المسؤولية الاجتماعية والمساءلة القانونية الفاعلة تظل أهم أسباب تلك المشكلة، إن لم تكن هي المسبب الوحيد!!!